مع
بزوغ فجر أمس تفتحت عيون المصريين علي أمل جديد.. وتطلعت كل الأجيال إلي
غد أكثر إشراقا.إقبال كبير لم تشهده البلاد في تاريخها النيابي.. تنافس
حقيقي بحثا عن الأفضل..
أبناء الأسرة الواحدة يختلفون, فالزوج يختار الكتلة والزوجة تختار
الإسلاميين وبعض الأشقاء يفضلون الوفد.. تلك هي الحالة الديمقراطية التي
كشفت عنها ساعات أمس.
ففي القاهرة وتحديدا في المناطق المحيطة بميدان التحرير ومجلس الوزراء لم
يتراجع الناخبون خوفا ولا قلقا بل كانوا أكثر إصرارا علي الممارسة
الحقيقية, ففي مدرسة قصر الدوبارة التي تقع علي بعد خطوات قليلة من مقر
مجلس الشعب شهدت لجان هذا المقر الانتخابي إقبالا كبيرا وبرغم أنها لجان
سيدات إلا أنهن كن أكثر رغبة حتي قالت إحداهن إننا مع الانتخابات أولا
وثانيا وثالثا, وبرغم وجود أخطاء وأشكال مختلفة للمعاناة مثل تباعد مكان
اللجان عن محل الإقامة فهناك مثلا مواطن يقيم في حي المقطم لكنه وجد اسمه
مقيدا في جداول منطقة الأباجية, وأخطاء أخري تتعلق بأسس الاختيار فيما بين
الفردي والقائمة.. لكن الملاحظ أن الكل توحد في رغبة التجاوز والانطلاق..
ولم يتردد القضاة في إصدار أي قرار يتعلق بضبط سير الانتخابات, ففي بعض
لجان منطقتي حدائق القبة ومدينة نصر تم وقف التصويت بعد أن تبين أن بعض
البطاقات الانتخابية غير مختومة وتقرر التخلص منها بالحرق واستبعاد أي
بطاقة تم التصويت فيها دون ختم من الساعة9 إلي10 صباحا. كما كشف بعض
المواطنين من الموجودين في لجنة مدرسة سرايا القبة بنات عن أن بعض مرشحي
الإخوان يستمرون في الدعاية الانتخابية في المنطقة.
ولعله كان لافتا للنظر امتداد الطوابير في كل اللجان مع أن اللجان لم تفتح
أبوابها إلا بعد التاسعة والنصف مما دفع الناخبين إلي الاحتجاج والتظاهر
أمام مدرسة خليل أغا مطالبين بسرعة فتح اللجان موجهين الاتهام للمشرفين علي
العملية الانتخابية.
وفي لجان دائرة قصر النيل امتدت طوابير النساء وحلقات الفتيات أمام لجان
مناطق الظاهر والموسكي وباب الشعرية وظهر في الكادر سماسرة الانتخابات وبعض
الأشخاص الذين يحاولون إقناع المواطنين ببيع أصواتهم مقابل100 جنيه للصوت
إلا أن أغلبية المواطنين رفضوا ذلك إيمانا منهم بمبادئ الديمقراطية.
وكانت هناك بعض البطاقات الانتخابية خارج اللجان تتكرر بها عملية الكارت
الدوار حيث يقوم سمسار الانتخابات بوضع علامة علي المرشح الذي يريده من
القائمة التي يريدها ويعطيها للناخب الراغب في بيع صوته علي أن يعود إليه
الناخب ببطاقته الانتخابية الفارغة التي لا يضعها في الصندوق.
ولعب الكمبيوتر والإنترنت دورا كبيرا في التواصل وتعريف المواطنين
باللجان.. وكان رائعا تأهب القوات المسلحة والشرطة أمام اللجان لفض أي
مشاجرات فأمام اللجنة38 بمنطقة بولاق أبو العلا أخمدت قوات الأمن مشاجرة
بين السيدات وقرر القاضي إعادة التصويت. وتأخرت لجان عديدة في بدء عملية
التصويت إما لعدم اكتمال الإجراءات أو بسبب تأخر القضاة أو الإداريين.
ولم يتردد في الذهاب إلي اللجان لا أبناء المناطق الراقية ولا الشعبية فمن
أمام نادي الجزيرة تحركت ثلاثة أتوبيسات لنقل الأعضاء إلي لجانهم.
وقد غلبت سخونة المنافسة علي برودة الجو في دائرة مدينة نصر وعكس العدد الكبير من المرشحين في هذه الدائرة حدة المنافسة.
وأمام اللجان المختلفة وعلي امتداد الطوابير ظهر المعدن المصري والحب
الحقيقي لهذا الوطن فقد كان الصغير يساعد الكبير ويأخذ بيد المسن كما تم
تقسيم اللجان الفرعية إلي لجان مخصصة للنساء وأخري للرجال, فضلا عن تخصيص
بوابات لدخول الناخبين وأخري للخروج في مناطق كثيرة.
ولأول مرة يسمح لكل مندوبي ووكلاء المرشحين بالحضور دون إبعاد أو إقصاء كما كان يحدث في أيام الحزب الوطني المنحل.
ولوحظ غياب عملية الترويج لمرشح أو حزب بعينه لدي الناخبين المنتظرين خوفا
من الوقوع تحت طائلة القانون حيث إنه من غير المسموح به القيام بأي شكل من
أشكال الدعاية.
وربما فوجئ الكثير بالعديد من اللجان الخاوية من الناخبين وعلي رأسها
دائرة الإذاعة والتليفزيون وبعض لجان حدائق القبة وحلوان حيث كان العاملون
بالمصانع والهيئات المجاورة لهذه الدوائر يدلون بأصواتهم بالبطاقة
الانتخابية التي ألغيت بعد استخدام الرقم القومي فأصبح مفروضا علي كل ناخب
التوجه إلي محل إقامته.
والمشاهد نفسها بدت متكررة في المحافظات الأخري بينما ركزت بعض وسائل
الإعلام علي الشخصيات التي كانت موجودة سياسيا وعلي الفضائيات, وقد لوحظ
حدة التنافس بين قائمة الكتلة المصرية والإخوان والسلفيين.
وفوجئ المواطنون برسائل علي المحمول تحثهم علي اختيار مرشحين بعينهم, ورسائل أخري بأسماء الفلول خاصة في دائرة مصر الجديدة.