فجر
فريد الديب في أولي جلسات دفاعه عن مبارك العديد من المفاجأت, مشيرا إلي
عجز النيابة العامة عن التدليل علي توافر نية القتل لدي مبارك وأن عمر
سليمان ـ نائب رئيس الجمهورية الأسبق ـ قرر صراحة أن مبارك والعادلي لم
يصدرا أوامر بإطلاق النيران.
واوضح في دفاعه إلي خطاب قدمه محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق ـ يكشف عن
وجود سيارات الشرطة المصرية بشوارع غزة مما يدلل علي سرقتها.
وقدم الديب مرافعته إلي خمسة أجزاء بدأها أمس بالتعقيب علي مرافعة النيابة
مشيرا إلي ان النيابة العامة كانت لابد ان تترافع بموضوعية مطلقة دون
التجريح والتنديد بالمتهم.
ووسط حالة من الترقب الشديد لفريد الديب استعدت المحكمة بعد التأكيد علي العهد بقول الحق والحكم بالعدل.
وفي القسم الأول: من مرافعة المحامي فريد الديب في قضية القرن التي يحاكم
فيها مبارك ونجلاه وحبيب العادلي وست من قيادات الداخلية السابقين.
قال الديب, معقبا علي المرافعة التي كانت قد ابدتها النيابة العامة موجها
النقد لها قائلا: إنه وفقا للمادة113من تعليمات النيابة العامة فإنها توجب
علي المترافع ان يتجنب تجريح المتهم والتنديد به في غير مايقتضيه بيان
الدليل بالدعوي في إشارة فيه إلي ان النيابة العامة في أثناء مرافعتها كانت
لابد ان تترافع بموضوعية مطلقة بعيدا عن ترديد عبارات تثير غضب الشارع
والجمهور الذي لايدرك شيئا عن طبيعة الدعوي وظروفها حيث جاءت تخاطب
الإعلام. وقدم الديب كتابين يتناولان أسس المرافعة من النيابة العامة
والمدعين بالحق المدني أمام المحكمة وأشار إلي أنه كان المأمول من النيابة
ان ينصب حديثها علي وقائع الدعوي وما يرتبط بها من ادلة لكنها راحت تصب
اللعنات علي المتهمين بآيات محكمات لامحل للاسترشاد بها في القضية ثم قام
احد السادة ممثلي الاتهام بسرد حديث طويل عما اسماه بتوريث الحكم وتساءل
الديب قائلا: هل تشمل قضية توريث الحكم وقائع الدعوي؟! وواصل قائلا: من
مظاهر الخروج أيضا عن نطاق الدعوي ماقام به احد ممثلي الاتهام من تناول
زوجة الرئيس بكل سوء وهي ليست متهمة في الدعوي أو من الاشخاص الذين يحاكمون
مما سبب ألما للزوج والأبناء والآخرين.
ثم تحدث ممثلو النيابة العامة عن واقعة الحسابات المصرفية لمكتبة
الإسكندرية والاستيلاء علي سبيكة ذهبية, مشيرا إلي أن التحقيقات التي اجريت
فيهما انتهت النيابة فيها إلي انه لاوجه لإقامة الدعوي الجنائية وتساءل
الديب ما جدوي ذكر هذين الموضوعين ما دامت النيابة العامة انتهت إلي انه
لاوجه لإقامة الدعوي فيهما.
لكن سرعان ماكشف ممثلو النيابة عن مغزي التطرق لهذه الأمور إلا وهو امداد
وسائل الإعلام بمادة للتجريح والتشهير بالمتهم والقول بأنه لم يكن طاهر
اليد وهو الأمر الذي ادي إلي قيام بعض الزملاء من المحامين بحذو نفس مسلك
النيابة وقالوا عن الرجل ماليس فيه فبئس الهدف وهنا اذكر قول الله تعالي:
إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو
عند الله عظيم,, سورة النور].
ومن ابرز ما استعرضه الديب في دفاعه مايتعلق بشهادة عمر سليمان ـ رئيس
المخابرات ونائب رئيس الجمهورية الأسبق ـ أمام المحكمة والتي قرر فيها
صراحة ان مبارك والعادلي لم يصدرا أي أوامر بإطلاق النار علي المتظاهرين
وان التعليمات كانت صريحة ان يتم فض المظاهرات بالطرق الاعتيادية.
وقامت المحكمة والحديث لايزال لفريد الديب بسؤال سليمان عن المقصود بعبارة
الطرق الاعتيادية في فض التظاهرات وشرحها فقال سليمان, ان من بين هذه
الطرق استخدام العصا والدرع إلي غير ذلك وقال ان قتل المتظاهرين ليست من
بين هذه الطرق.
وعندما سألته المحكمة عن تفسيره لقتل المتظاهرين والشروع في قتلهم بأعيرة نارية وخرطوش.
اجاب الشاهد قائلا: لا اعرف كيف لكن من الممكن ان تكون هناك عناصر إجرامية
جاءت من الخارج والتفوا مع من بالداخل وتكاتف الجميع ضد الشرطة واستكمل
الديب قائلا: وانا تحت يدي صحيفة الاخبار والتي كتبت عن الأحداث في بدايتها
أنها كانت مؤامرة أجنبية بقصد اشاعة الفوضي ولاتخجل اليوم من ان تقول غير
ذلك.
فهناك عناصر قامت بحرق أقسام ومراكز الشرطة في أكثر من90% منها وتم سرقة
الأسلحة واختلط الحابل بالنابل وصار الأمر مهزلة وجري اقتحام السجون والتي
تمثل قلاعا حصينة وذلك بالأسلحة والمدافع وسرقت سيارات ومدرعات الشرطة وقدم
محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق ـ خطابا أمام المحكمة موجها من القائم
بالأعمال المصرية في غزة أن شوهدت سيارات الشرطة المصرية المدرعة تتجول في
شوارع غزة وتم رصدها وارسل هذا الخطاب إلي وزارة الخارجيةومنه إلي
الداخلية.
واستكمل الدفاع قائلا: إن المحكمة ناقشت عمر سليمان قائلة له ذكرت في
شهادتك ان المتهمين مبارك والعادلي لم يصدرا أوامرهما بإطلاق النيران علي
المتظاهرين فما هو تفسير مقتل وإصابة المجني عليهم. فقرر سليمان أن الأمر
إما ان يكون جاء نتيجة تصرفات فردية من رجال الشرطة كل منهم علي حسب حالته
والموقف الذي وضع فيه أو خطأ في تنفيذ التعليمات.
وبالنسبة للاتهام الذي وجه لمبارك بالتحريض علي قتل المتظاهرين للبقاء في
الحكم فهذا افتراء كاذب وظلم بين ولا أدري من أي مصدر استقت النيابة العامة
هدا الافتراء. فالواقع أن مبارك لم يكن راغبا في الحكم بعد انتهاء ولايته
كما تقول النيابة, والدليل علي ذلك ما نقل عن اللواء مختار الملا عضو
المجلس الأعلي للقوات المسلحة من تصريحات قالها أثناء اجتماعه بقيادات
الصحف القومية في ابريل الماضي ردا علي ما ذكره أحد المنافقين, الذين ظهروا
علي الساحة من أن الجيش أجبر مبارك علي التنحي حيث قال الملا لهم إن الجيش
لم يقم بانقلاب ولم يجبر مبارك علي التنحي وأن ما فعله الأخير جنب البلاد
كوارث ضخمة كان من الممكن أن تقع في ظل الأوضاع التي سادت خلال تلك الفترة
حيث إنه كان بإمكانه أن يستعين بحرسه الجمهوري ورجال أعماله في صراع رهيب
لكنه لم يفعل ذلك, واضاف الدفاع أن مبارك عندما سمع عن المظاهرات سأل عن
مطالب المتظاهرين وقال سأقوم بالاستجابة لها في حدود الدستور لأننا دولة
قانون فعدم اتباع الدستور واحكامه هي التي يترتب عليها جريمة الخيانة
العظمي وليس كما رد البعض من توجيه هذا الاتهام لموكلي, فقد كان مؤيدا
لمطالب المتظاهرين وسعي بجهده الي الاستجابة لها والدليل علي ذلك ما ذكره
في خطابه يوم29 يناير قائلا لقد تابعت أولا بأول التظاهرات وكانت تعليماتي
للحكومة التشديد علي اتاحة الفرصة للمواطنين للتعبير عن مطالبهم المشروعة
وتابع الدفاع قائلا وعندما تم تعيين رئيس وزراء جديد تم تكليفه بخطاب قال
فيه لقد خرج شباب مصر ومواطنوها الشرفاء في مظاهرات سلمية, إلا أن صفوف هذه
المظاهرة اخترقتها قوي ترفع شعارات الدين وتضرب بأركان الدستور عرض الحائط
فاندست عناصر إجرامية للاعتداء علي الممتلكات العامة والخاصة وتم ترويع
المواطنين.
وأشار الدفاع قائلا, أما بالنسبة للانتخابات البرلمانية التي تم تزويرها
في عام2010 فقد أمر رئيس محكمة النقض بسرعة الفصل في الطعون المقدمة ضد صحة
اعضاء هذا المجلس مما يدل علي أن المتهم لم يكن ضد المظاهرات السلمية,
وأضاف الدفاع مكررا لفظ السلميين والذي أكدت عليه النيابة العامة والتي
تعرف دون شك الفرق بين المتظاهرين السلميين والمشاغبين الذين يقومون بأفعال
القتل والسلب.
وواصل الدفاع قائلا: بالنسبة لاتهام مبارك بالاشتراك بطريق الانتقام
والمساعدة مع المتهمين علي التحريض علي قتل المتظاهرين فنحن ندفع بعدم قبول
الدعوي الجنائية نظرا لصدور أمر بألا وجه لاقامة الدعوي الجنائية في هذه
القضية وأخد الدفاع يسرد البلاغات التي قدمت من عدد من المواطنين بتواريخ
مختلفة عن قتل واصابة عدد من أقاربهم والتي كانوا يوجهون الاتهام فيها
لمبارك والمتهمين الآخرين بارتكاب وقائع القتل, وتم ادخال بلاغات المواطنين
ضمن قائمة أدلة الثبوت وأحيلت القضية للمحاكمة الجنائية دون أن تتم احالة
مبارك مما يعني أنه صدر قرار ضمني بألا وجه لإقامة الدعوي وذلك بحكم العقل,
بل إن ممثل النيابة العامة المستشار مصطفي سليمان قام بإحالة القضية
للمحاكمة في مارس برغم أنه كان تحت بصره تقرير رسمي من المجلس القومي لحقوق
الإنسان انتهت فيه اللجنة الي تقاسم مبارك المسئولية مع العادلي في
الأحداث وعلي الرغم من ذلك أحيلت القضية للمحاكمة دون أن تتضمن مبارك, وتم
تحديد جلسة نظرت القضية فعلا وعقب تعالي بعض الأصوات تم ادخال مبارك في
القضية التي نحن بصددها.
العنصر الآخر عدم وجود دليل علي ثبوت الاتهام وهو ما التفت عنه النيابة
بذكر أقوال وارهاصات وانفعالات حيث خلا ملف القضية من أي أقوال تشير الي
اشتراك المتهم في القتل, حيث نفي في التحقيقات هذا الاتهام قائلا لقد كانت
تعليماتي فض التظاهر اذا ترتب عليه اخلال أمني بالبلاد بالطرق السلمية,
وفيما عدا ذلك اتركوا المتظاهرين ما دام هناك انضباط ولا يوجد تخريب وذكر
مبارك في التحقيقات عندما عرف أن جهاز الشرطة كما أبلغني وزير الداخلية عجز
عن مواجهة أحداث التخريب واشعال الحرائق أمر بحظر التجوال ونزول القوات
المسلحة لحفظ الأمن والنظام, وأضاف الدفاع أما فيما يتعلق باتهام مبارك
بالاتفاق مع العادلي فهذا الاتفاق لايمكن حدوثه لان الاتفاق يفترض تعادل
الارادات ورئيس الجمهورية في وضع يعلو علي منصب الوزير, وبالتالي يستحيل أن
يكون هناك اتفاق بين الرئيس وأحد الوزراء.
وبالنسبة لما يتعلق بأن المتهم عندما علم بوقائع الاعتداء علي المتظاهرين
لم يصدر تعليماته لوقف الاعتداءات وذكر الديب عبارة أي أنه طنش.
فهذا الاتهام غير صحيح لأنه وفقا لآراء فقهاء القانون وحكم محكمة النقض فإن الاشتراك في الجريمة لا ينتج من أعمال سلبية.
ومن المقرر ان تستكمل المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت وعضوية
المستشارين محمد عاصم بسيوني وهاني برهام بحضور المحامين العموم مصطفي
سليمان ومصطفي خاطر وعاشور فرج ووائل حسين وأحمد حسن وسكرتارية الجلسة سعيد
عبدالستار مرافعة الدفاع اليوم.